من خلال تلك الرسائل التي تداولت بين السلطات
أو المسؤولين السعديين ومرابطي رباط ماسة نصل إلى تحديد تلك العلاقة التي
اتسمت بالإيخاء والعطف والعناية ذلك أن الحكومة السعدية تقدر الشرفاء والعلماء
ورجال العلم وترفع من شأنهم كما تخول لهم امتيازات اجتماعية واقتصادية كتحريرهم
من جميع المطالب المخزنية والمغارم وسائر الكلف المفروضة على جميع السكان،
كما أن الشرفاء ورجال الزوايا يحاشون من جميع الوظائف المخزنية والكلف السلطانية
مما جعلهم يحظون بتأييد تلك الفئات الدينية، كما أن كل من حاول انتهاك حرمة
هؤلاء المرابطين سوف يلقي المصير المشؤوم والعقوبة من ولاة الأمر وتعتبر
الرسالة المؤرخة بتاريخ ربيع الثاني عام 985 م تعبيرا عن تلك العلاقة "....
عن عبد الله علي المتوكل على الله أمير المؤمنين الشريف الحسيني أيده الله
تعالى وأغر نصره بمنه، يستقر هذا، المكتوب الكريم بيد الفقيه الأثير المرابط
الخير سيدي أحمد بن إبراهيم إمام مسجد رباط ماسة، يحمل به علم كأهل المبرة
و الإكرام والراعي الجميل والاحترام، مع أشقائه المندرجين معه (مبجلين) ومكررين
من جميع المطالب المخزنية وسائر المغارم والخراج السلطانية تحريرا يتم رسمه
ويتأبد حكمه على الدوام والاستمرار بمرور الليالي والأيام والشهور والأعوام
لا يغير عليهم في شيء من ذلك عادة من عوا ئدهم كما كتب لهم مولانا السلطان
الوالد رحمه الله بذلك ومن أخذ منهم شيئا فليرده لهم ويتركه على عوا ئدهم
ولابد..."
الرسالة توضح أن هؤلاء المرابطين محررين
من السخر البدنية وسائر الأشغال العلمية كما أن مهمة هؤلاء المرابطين كذلك
هو إطعام المساكن والفقراء والوافدين على موسم رباط ماسة كل سنة، وكذا تقديم
الأعشار إلى فقراء ماسة بالإضافة إلى القيام بالصلوات، وما كانوا يتمتعون
به من خير وبركة وتعظيم من طرف السكان الأهالي والمناطق المجاورة حيث داع
صيتهم في مناطق متفرقة على صعيد سوس.
اتسم موقف السعديين تجاه الزاوية
الماسية (رباط ماسة) بالعناية التامة وأن لا يمسهم سوء ؟، كما أمروا بالقيام
بالصلوات والعبادات وإطعام الواردين والزائرين وإعطاء عشر زرعهم للفقراء
والمساكين في المواسم المباركة مما سيكسب السعديين عطف شرائح المجتمع، أضف
إلى ذلك ما يقومون به من وعظ وإرشاد وترغيب في اتباع الطريق المستقيم وذلك
راجع لما كان يعيشه المجتمع المغربي قبيل قيام الدولة السعدية من وجود فئة
اجتماعية تعيش على الشعوذة والخرافات مما أدى إلى فساد الأخلاق واستياء أحوال
الناس الدينية والدنيوية، من هنا تأتي العناية التي توليها الحكومة السعدية
من متصوفة وعلماء ورجال العلم. 
|